الحب المستحيل
الحب ما أجمل هذه الكلمة وما أسمى معانيها وما أصعب تعريفها أو معرفة أسبابها فلقد احتار العلماء فى وصف تعريف للحب
والشعراء والكتاب كتبوا فيه آلاف الكتب والدواوين ولم يصلوا إلى حل لفشل الحب أو معرفة سبب نجاحه , فقط ظلوا يكتبون عن قصص الحب وما فيها من آلام وما فيها منة سعادة .
لقد قال البعض أن هناك حب من أول نظرة أى عندما ترى شخص ما تجد نفسك قد أحببته وانشغلت به وتكون أول مره تراه فيها , ولقد حكت لنا الأفلام الكثير من قصص الفانتازيا التى تؤيد ذلك فتجد بطل الفيلم قد وجد فتاة لم يراها من قبل وعندما رآها أعجب بها ودخلت قلبه من أول نظره , ويظل يطاردها حتى يظفر بها فى نهاية الفيلم وسيتم الزواج أو تنتهى القصة على ذلك ,
ولكننا نجد أن رؤيا الكتاب فى هذه الأفلام يكون فيها الكثير من الخيال والبعد عن الواقع.
فنحن لم نعطى بعد الحب القصة التى تليق به وتستحق أن تحول الى فيلم تجسد معنى الحب الحقيقى .
يقولون أنه من المستحيل أن تحب إنسان لم تراه من قبل فهل من الممكن أن يتحقق ذلك المستحيل على أرض الواقع , وتنشأ قصة حب قوية بين اثنين لم يشاهدوا بعض طوال حياتهما ,
بالطبع ستختلف إجابات كل شخص منا وذلك ليس لأن لكل شخص تفكيره الخاصة به ورؤيته الخاصة لمعرفة الأمور فقط ولكن أيضاً لاختلاف معنى الحب عند كل شخص عن الشخص الآخر .
فلنسترجع معاً بعض المعانى الشائعة للحب
الحب مقياساً للجمال
ستجد من يقول لك إن الحب هو مقياس الجمال أى عندما تجد فتى وسيم أو فتاة جميلة الملامح تستطيع أن تحب هذا أو تلك على حسب مقياس الجمال لكل واحد منا , وهذا يكون فى خيال كل منا فتجد الفتاة تحلم بالشاب الوسيم الذى يبهرها بجماله وقوته فتقع فى حبه وتظل ترسم طوال حياتها صوره لفارس الأحلام فى خيالها وأحياناً تجده ولكن كثيراً لا تجده , وفى النهاية تجدها ارتبطت وأحبت إنسانا لا يتمتع بذره واحده من الجمال أو الوسامة ,
وأيضاً تجد كل شاب يحلم بفتاة أحلامه التى تتمتع بكمية كبيرة من الجمال فهو يحلم بعروسة البحر أو بأميرة الكون التى يعيش معها طوال حياته وتأخذه بعيداً عن هذا الزمن الغادر , وتجد أيضاً أكثر هؤلاء الشباب لا يجدون فتاة أحلامهم المزعومة , وتجده فى النهاية يرتبط بفتاة تتمتع بقدر قليل من مقومات جمال المرأة .
خفة الدم هى مقياس للحب
تجد من يقول لك أن خفة الدم والروح المرحة هى ما تدفعنا لنحب الآخرين فعندما تجد فتاة أو شاب يمتاز بخفة الدم فانه يدخل قلبك دون استئذان .
الحنان هو الحب
تجد آخرين يقولون لك إن الحنان هو الحب أى عندما تجد شخص حنون القلب يظهر لك حنانه وشوقه إليك فهذا هو الحب المنشود .
الاهتمام هو الحب
تجد آخرين يقولون لك عندما تظهر اهتمام كبير بشخص ما وتسعى الى معرفة رغباته ومتطلباته وتحاول تلبيتها له والتكيف معها وأن تهتم بأخباره وتبحث عنه وتحاول دائماً أن تطمئن على صحته فإن هذا هو الحب .
وإذا بحثنا أكثر سنجد معانى أخرى وتعريفات أخرى للحب
هل سئلت نفسك مره
لماذا تجد فتاة شابه جميلة رقيقة ترتبط برجل عجوز كهل فى عمر والدها أو جدها سيقول البعض أنه حب المال لأن هذا الرجل غنى مثلاً , ولكن ما بالك إذا كان هذا الرجل لا يملك شيئاً غير شيخوخته وكبر سنه وتجد الفتاة تهيم به حباً , ترى ما الذي دفعها إلى ذلك ....؟
ارجع الى ماضى تلك الفتاة وظروف نشئتها , وستجد أنها فقدت والدها, أو لم والدها الحنان والإهتمام الكافى بها , فوجدت ضالتها فى هذا الرجل العجوز لكى يعوضها عن حنان الأبوة المفقود منذ الصغر وتفضله على كثير من الشباب الذين يتمتعون بالوسامة , وعلى نفس المثال تجد شاب يحب امرأة كبيرة فى السن .
وما بالك إذا وجدت امرأة جميلة شديدة البياض , والبياض عند البعض مقياس للجمال , ترتبط بشاب أسود اللون ليس به شئ من الوسامة أو الجمال ترى ما الذى دفعها على الارتباط به وفضلته على غيره , ربما هى روح الانطلاق والشباب التى تسرى داخله , وكانت هى قد نشأة فى أسرة لم تترك لها الحرية الكافية فى أى شئ فظلت مقيدة طوال حياتها تبحث عن من يشعرها بالانطلاق والحرية فوجدت ضالتها فى هذا الشاب المتفتح للحياة والمتعلق بها .
وتجد أيضاً شاب وسيم شديد البياض يهيم فى حب فتاة سوداء , ويفضلها على غيرها من ملكات الجمال , لأنه وجد معها الحنان والحب الصادق والاعتناء به الذى لم يجده مع غيرها .
إذاً فقد أخرجنا الحب من كينونة الجمال والوسامة ووضعناه فى الحنان والاهتمام وغير ذلك من الصفات الجميلة التى نحتاج اليها نحن البشر
إذاً فمن الممكن أن نحب من لم نراه من قبل لأننا لا نبحث عن الجمال والوسامة فالجمال زائل حتى لو طال لبعض الوقت , والصوت الجميل اليوم فى الصبى سيتحشرج مع مرور الزمن وحينما تأتى الشيخوخة ,
فلماذا لا نحب من لم نراهم من قبل إذا وجدنا معهم ما نريد من حنان واهتمام ودفئ للمشاعر واذا وجدنا أن عقلينا قد تلاقيا وتوافقوا فى التفكير فى كثيراً من الأشياء ووجدنا معهم السعادة وأحببنا بهم الحياة , ووجدنا بهم أملاً فى غداً جديد مشرق , وسعينا لتحديث أفكارنا وتجديد طرق عملنا حتى نحقق لهم أمانيهم .
بالطبع سيقول البعض ولكن كيف سنشعر بكل ذلك ونحن لم نلتقى بهم ....؟
أقول لهم وما الداعى الى اللقاء أهو النظر الى ذلك الجسد الفانى أم رؤية الجمال الزائل .
سيقول البعض ولكن كيف سنشعر بكل هذه المشاعر الجميلة دون أن نراهم .....؟
أقول لهم يكفى تبادل الكلمات والآراء
يقول أبمجرد كلامات تجعلنا نهيم عشقاً فى أشخاص لم نراهم من قبل ....؟
أقول ألم تتجمع تلك الكلمات فكتبت أروع الخطابات السياسية التى أبهرت العالم , ألم تتجمع تلك الكلمات فكتبت أروع كتب الأدباء , ألم تتجمع هذه الكلمات والأفكار فكتبت أعظم دواوين الشعر , ألم تتجمع تلك الكلمات فكتبت أجمل وأمتع السيناريوهات للأفلام , ألم تتجمع تلك الكلمات وكتبت أجمل الأغاني التى نبحر عند سماعها فى بحر من العشق ونسبح فى خيال الحب , فعندما تسير وتسمع صوت مطرب جديد أول شئ يجذبك اليه هو الكلمات وليس الصوت الكلمات إن كانت جميلة ستنصت اليه وتسمع ماذا يقول.
أدله من الواقع على وجود الحب المستحيل
كلامات جعلتنا نعشق من كتبها
فلنفترض أنك اشتريت جريده جديدة لم تقرأها من قبل وبعد القراءة وجدت فيها مقالاً أعجبك بشده سيتحول إعجابك الى إعجاب لمن كتبه وستتمسك بأفكاره وستعجب بأفكاره وتبحث عن كل جديد له لتقرأه وتتمنى ان تقابله لأنك أحببته , ولو سألك أحد لماذا تقرأ لهذا الرجل ستقول أحب مقالته وأعجبت بأفكاره اذاً فأنت أحببت ذلك الكاتب ولم تلاقاه من قبل فكتابته ماهى إلا تعبير عن ما يدور فى أعماق شخصيته .
كتاب جعلونا نحبهم دون حتى أن نراهم
من منا لم يقرأ للكاتب الكبير والأديب يوسف السباعى وعشق كتبه والبعض أخذ أراه وحاولوا تطبيقها وآخر تمنا أن يراه وأخرى تمنت لو كان هذا الرجل زوجاً لها.
ومن لم يعشق نبيل فاروق ذلك الكاتب المبدع الذى أبحرنا معه فى عالم غامض من خيال علمى الى عالم المخابرات الخفى الى عالم الرومانسيه جعلنا بكتابته نحب مصر أكثر مما نحبها ونضحى من أجلها بكل غالى ونفيس .
أفلام صنعتها أقلام
من لم يرى ويشاهد الشخصية الشهيرة جيمس بوند وعشق أفلامه فهل تعلم أن كل هذه الروايات التى مثلها جيمس بوند هى من إبداع الكاتب ورجل المخابرات البريطانى آيان فلمنج الذى جعلنا نعشق شخصيه لا وجود لها فى الحياة الحقيقية .
ومن لم يحب ويعشق أن يشاهد مراراً وتكراراً فلم تيتانك وهو من ابداع كاتب عبقرى حول مأساة حدثت الى قصة حب والى معانى إنسانيه جميلة جعلتنا نسبحه معه فى بحر الحب فأحبننا النجوم والفيلم والسبب فى ذلك هو تلك القصة الرائعه
زعماء عشقناهم ولم نراهم
كيف تحب زعيم لم تراه وتتمنى أن يكون زعيمك وأن تكون عشت فى عصره مثلا تجد من يعشق عبد الناصر الذى بس فينا روح الثورة والانتصار فعشقناه وعشقه التاريخ و خلد ذكراه أحببنا فيه القيادة والزعامة للأمة العربية , وتجد آخر أحب السادات صاحب حرب أكتوبر وكامب ديفيد عشق فيه روح البطولة والقيادة وهو لم يراه , وتجد آخر أحب هيترل وحبه المجنون فى السيطره على العالم وامتلاكه لكل الدول ,
كل هذا وهم لم يرهم من قبل فى حياتهم ولم يعاصروهم بل أتى الحب عن طريق انجازاتهم عبر التاريخ أو حتى أخطائهم التى أدت الى تخليدهم فى التاريخ .
هوس النجوم
عندما تسأل بعض الشباب والبنات عن من يحبون من النجوم ...؟
فتكون الإجابة نحب هذا الممثل أو تلك المطربه
وتضع الفتيات صور لفارس أحلامها شبيها بهذا النجم الذى تعشقه وهى لم تراه الا على شاشات التلفزيون والسينما أو حتى رأته فى الحقيقة ولكن لم يكن هناك فرصه لمعرفة أفكاره وأراه أو لحبه حتى فهو يقابل كل يوم المئات من المعجبات ولا يهتم بأمرهم , فهى أحبة هذا النجم فى أحد شخصياته مثلاً التى رأته يجسدها فى أفلامه وظلت تهتم به حتى وجدت نفسها تحبه وتريد ان ترتبط به , وكلنا نعلم عبد الحليم حافظ وكم كان له من عشاق ومازال يتهافتون على سماع كلمه من أغاني العندليب الأسمر , فهل تعلم انه عندما مات العندليب الكثير من معجباته حاولنا الإنتحار وانهم لم يلقوه حتى فى الحقيقه مره واحده ولكنهم عشقوا صوته وإحساسه وشخصيته فلم يتصوروا الحياة بدونه
وتجد أيضاً بعض الشباب يعشقون احدى النجمات هذه او تلك فمن منا لم يعشق السيندريلا سعاد حسنى التى كانت ولا تزال حلم لفتات أحلام بعض الشباب .
كل هذا الحب حدث دون اللقاء ولو مرة واحده , دون حتى أن يلقى نظره المعشوق على عشيقه وهم أيضاً مازالوا يستمرون فى الحب
إذاً فمن الممكن أن يحدث الحب المستحيل ونحب من لم نراهم
الأحد 30 سبتمبر 2007, 3:28 am
