إذا سمحت لك الظروف وتهيأت لك الأسباب ، واستطعت أن تخترق قلوب الجماهير الحمراء ، ونحن على مشارف النهائي الأفريقي الذي يعد بمثابة لبنة بناء لتاريخ جديد للقعلة الحمراء ، ومرحلة حرجة في تاريخ النادي القاهري العريق تفصله بين النجاح على المستوى المحلي والقاري إلى النجاح على المستوى العالمي والدخول إلى التاريخ من أكبر أبوابه ، في فرصة ربما لن تتكرر في القريب أو البعيد ، ستجد بالطبع قلوبا حمراء يملؤها الإصرار والعزيمة والحب الذي لم يجد عائقا لكي ينساب إلى تلك القلوب ، إلا أنك وعلى الرغم من ذلك ستجد عقولا مليئة بالخوف من سحر المستطيل الأخضر ومن أي مفاجآت ربما تكلف النادي الأهلي تاريخا عالميا كان على مشارفه ومستقبلا كبيرا كان على أعتابه.
التضارب الواضح بين ذاك العضوين الحساسين ( القلوب والعقول ) الذي يجتاح الجماهير الأهلوية عبر الوطن العربي بأسره قبل ساعات من نهائي الحلم الكبير ، ليس وليد صدفة أو حظ عاثر ، فربما أيضا لو سمحت لك ذاكرتك المتواضعة بأن تعود قليلا إلى الوراء ستجد أن التضارب البين لا وجود له من الأساس ، وسيتملكك اليقين بأن النادي الأهلي قادر على تحطيم جبال الهيمالايا في سبيل الوصول إلى مبتغاه ونيل أول لقب أفريقي على حساب نفس الفريق ونفس الغريم بعد سنوات من التعطش الشديد للبطولات.
الآن وقد تبدلت الظروف وتغيرت الأحوال ، وبعد أن هيمن المارد الأحمر على القارة الأفريقية بأكملها مدة ليست بالقصيرة وعلى حساب الفرق التونسية بشكل كبير ، وبعد أن حقق النادي القاهري نجاحا مدويا بنسبة 100% خلال جميع البطولات التي شارك فيها ، وبدون أن يتخللها فترة إعداد مناسبة أو فترة راحة كافية للاعبين الذين استطاعوا تحقيق المستحيل ، كان ولابد وأن ينخفض الأداء وترى مؤشرات الخوف تتباين في عيون أكثر من 50 مليون مصري وعربي ، إلا أنه وفي الوقت ذاته تزايدت مؤشرات الخبرة التي تحتاج إليها المباريات الكبرى لدى العديد من اللاعبين لتثقل من كفة ميزان الشياطين الحمر.
فإذا ما نظرنا إلى النادي الأهلي ، سنجد أن غياب بركات هو الأبرز على الساحة وأنه سيساهم في أن يفقد الشياطين الحمر الخطورة المطلوبة على الخصم بشكل كبير ، لاسيما وأن بركات لديه قدرة بارعة وخبرة كافية لحسم المباريات الكبيرة ، كما أن مانويل جوزيه يحسن استغلاله في كافة أرجاء الملعب ليكون الجندي المجهول في المباراة ، خصوصا وأن النادي الأهلي بحاجة إلى عامل السرعة الكبير الذي يعد من أبرز سمات عصفور الأهلي - كما يطلق عليه -
على الجانب الآخر ، تواجد معشوق الجماهير محمد أبوتريكة في كتيبة الشياطين الحمر يضفي نوعا كبيرا من الاطمئنان لدى الجماهير واللاعبين ، بصفته قادرا على إحراز أي هدف في أي وقت على مدار المباراة وهو ما تحقق في نهائي العام الماضي على حساب الصفاقسي التونسي ، أبوتريكة وبما لايدع مجالا للشك قادرا على تغيير دفة البطولة بكاملها لصالح فريقه ، فإذا ما لعب إلا متأخرا قليلا عن فلافيو كما يفعل دائما جوزيه سيمتلك النادي الأهلي عنصر التهديف القاتل في أي دقيقة عبر المباراة ، فيما سيفقد عاملا حساسا في صنع الأهداف، باعتبار أن الرقابة المتوقعة من الخصم على أبوتريكة بالتحديد ستحد من الكثير من خطورته ، فيما ستعطي مجالا أكبر للاعبي الفريق للانطلاق وإيجاد الثغرات لفك شفرة الحصون الدفاعية المتوقعة من النجم.
جوزيه منطقيا مطالبا بأن يخوض المباراة مهاجما منذ الدقائق الأولى باعتباره يلعب على أرضه ووسط جماهيره ، وباعتبار أن الفريق التونسي سيخوض مدافعا منذ الدقيقة الأولى معتمدا على الهجمات المرتدة لخطف هدف قاتل ، يقضي به على جميع الأحلام المصرية ، أو آملا في الوصول إلى ركلات الترجيح ، جوزيه مطالبا أيضا بأن يستغل العامل الإيجابي بعد تحقيق نتيجة مرضية في تونس كان لها طعم الفوز.
وعلى ذلك ، تواجد النحاس وجمعة والسيد خلف خط الوسط المكون من أحمد صديق وجيلبرتو وعاشور وبوجلبان ومصطفى أمامهم أبوتريكة وفلافيو مع التسديد من خارج منطقة الجزاء سيكون حلا منطقيا لإحراز هدف مبكر يريح الجميع ، ويعطي الأولوية للنادي الأهلي للسيطرة على منطقة منتصف الملعب ، إلا أنه وفي ظل التجاهل المتوقع لأحمد صديق من قبل جوزيه سيكون الأقرب أن يخوض النادي الأهلي اللقاء بمتعب وفلافيو يأتي خلفهم أبوتريكة مع الاستعاضة بإسلام الشاطر عن أحمد صديق وإعطاء مهام دفاعية متوقعة للشاطر للحد من خطورة الجانب الأيسر للنجم الساحلي الذي يعد من أبرز خطوطه.
أما إذا قرر جوزيه أن يخوض الشوط الأول بنفس تكتيك وأسلوب مباراة الذهاب أملا في أن يخرج بشوط المباراة الأول إلى بر الأمان بالتعادل السلبي ومباغتة الخصم في الشوط الثاني ، فإنه بالطبع سيغلق الملعب على الفريق التونسي معتمدا على الجانب الدفاعي أكثر من الهجومي خوفا من المخاطرة التي قد تطيح بالفريق خارج البطولة من مجرد هجمة عشوائية من النجم ، معتمدا بذلك على فلافيو كمهاجم وحيد يأتي من خلفه أبوتريكة.
على كل حال ، فقدان الأهلي لبريق بركات سيعوضه تواجد المحوري جيلبرتو وسيعتمد عليه جوزيه في كثير من الخطط التكتيكية كأن يدفع به إلى وسط الملعب كما حدث في العديد من المباريات السابقة ويتقدم السيد ليسد الفراغ الذي سيخلفه اختراق جيلبرتو من الوسط مستغلا الرقابة المتوقعة على أبوتريكة.
كل التوفيق للشياطين الحمر بتحقيق لقب البطولة.
الأربعاء 07 نوفمبر 2007, 11:15 am
